للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبعاضها، وعكس ذلك الصلاة لما لم يجز تقطيع النية على أبعاضها لم يجزئ تفريق أفعالها؛ لأنه لو كبر ونوى بالتكبير أنه للظهر لم يجزئه، ولو ركع ونوى به ركوعًا عن الظهر لم يجزئه، فلا بد من جملة النية في استفتاح الصلاة، فيقول: نويت به صلاة الظهر أو الفرض.

قيل: إن الطهارة جعلت شرطًا تراد لأمر شرطه الموالاة، وهو الصلاة، فكان من شرطها الموالاة كالأذان، وليس كذلك الزكاة.

ثم لا فرق - عندنا - بين الطهارة والصلاة في المنع من تقطيع النية؛ لأنه لو نوى بغسل وجهه رفع الحدث ما ارتفع، وإنما يرتفع الحدث بالفراغ من الطهارة، ألا ترى أنه لو بقي عليه غسل عضو لم يصح أن يصلي، فلم يرتفع حدثه، وإنما ينوي حين يشرع في الطهارة أنه يرفع الحدث بطهارته التامة، فتفرقة النية لا تجوز كما لا تجوز تفرقة النية في الصلاة (١).

على أنه فاسد بالشهرين المتتابعين، فإن تفريق النيات في كل ليلة جائز، ولا يجوز تفريق الفعل الذي هو الصيام، فلو أجزنا تفريق النية في أعضاء الطهارة لم يلزمنا جواز تفريق الأعضاء، كما يجوز تفريق النية في ليالي صيام الشهرين ولا يجوز تفريق الصيام، وكذلك شهر رمضان أيضًا.

وقولنا هو قول عمر بن الخطاب ، ولا مخالف له من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع.

وما يحتجون به من خبر ابن عمر أنه توضأ (٢) وخرج إلى السوق، فدعي


(١) انظر النية وأثرها في الأحكام الشرعية (١/ ٤١٢ - ٤١٣).
(٢) وأخر غسل قدميه إلى أن مسح عليهما لما دخل المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>