للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى جنازة فمسح على خفيه (١) فإنه حكاية عن فعلة وقعت، فيجوز أن يكون على القرب؛ لأن منزله كان بالقرب من المسجد، ويجوز أن يكون ناسيًا لمسح الخف فذكر، ويجوز أن يكون كان بخفه أذى من بول، أو غائط، أو طين، فمسحه عنه بالماء، وقد كان يتقفى في أفعاله فعل رسول الله ، ولم يكن يتوضأ على الوجه الذي يجيزونه؛ لأنه يجري مجرى اللعب، ولم يظهر مذهب ابن عمر في جواز التفرقة، وظهر مذهب عمر ، فهو حجة.

فإن قيل: فإن النسيان إذا حصل في الصلاة حتى طالت التفرقة أعيدت الصلاة من أولها، وليس كذلك الطهارة.

قيل: هذا لا يضر؛ لأن العمد في الصلاة قد خالف حكم النسيان، فلو فرق الصلاة على طريق العمد أفسد، مثل أن ينصرف من اثنين، ولو انصرف ناسيًا لم يفسد، فكذلك التفريق في الطهارة على طريق العمد في الطول لا يجوز، وفي النسيان لا يفسد، [وإن خالف حكم الطهارة حكم الصلاة في الطول والنسيان] (٢) فلا يمنع أن يكون الأمر في الطهارة أوسع منه في الصلاة.

فإن قيل: لو كانت الموالاة شرطًا في صحة الطهارة لم يفترق الحكم بين العمد والنسيان كالنية والماء الطاهر.

قيل: هذا غير لازم؛ لأن في الأصول ما هو واجب، وقد افترق عمده


(١) أخرجه البخاري معلقًا في كتاب الغسل، باب تفريق الغسل والوضوء، وأخرجه موصولًا مالك في الموطأ، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الخفين (٤٣) وإسناده صحيح كما قال الحافظ في الفتح (٢/ ٣٠).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>