للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجنب مسه (١).

وبه قال داود (٢).

والدليل لقولنا قوله تعالى: ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (٣).

فأخبر جل ثناؤه أن الكتاب المكنون لا يمسه إلا المطهرون؛ لأن القرآن لا يمس، ولكن المس وترك المس يقعان على الكتاب، ولأن الكتاب أيضا أقرب مذكور إليه، فكانت الهاء في ﴿يَمَسُّهُ﴾ راجعة إليه -أعني إلى الكتاب الذي فيه القرآن-؛ ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (٤).


(١) والسبب في اختلافهم تردد مفهوم قوله تعالى ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ بين أن يكون "المطهرون" هم بنو آدم، وبين أن يكونوا هم الملائكة، وبين أن يكون هذا الخبر مفهومه النهي، وبين أن يكون خبرا لا نهيا، فمن فهم من "المطهرون" بني آدم، وفهم من الخبر النهي؛ قال: لا يجوز أن يمس المصحف إلا طاهر، ومن فهم منه الخبر فقط، وفهم من لفظ "المطهرون" الملائكة؛ قال: إنه ليس في الآية دليل على اشتراط هذه الطهارة في مس المصحف، وإذا لم يكن هنالك دليل لا من كتاب ولا من سنة ثابتة؛ بقي الأمر على البراءة الأصلية وهي الإباحة". بداية المجتهد (١/ ٥١٩ - ٥٢٠).
(٢) المحلى (١/ ٩٧ - ٩٩) المغني (١/ ١٨٩ - ١٩١).
(٣) سورة الواقعة، الآيتان (٨١ - ٨٢).
(٤) الآية استدل بها الجمهور على المنع، لكن وجه استدلال المصنف بها يجعلها عليه لا له؛ لأنه جعل الضمير راجعا إلى الكتاب المكنون لا إلى القرآن، وليصح استدلاله بذلك ينبغي أن يكون الضمير راجعا إلى القرآن؛ لأن الخلاف فيه، والكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ؛ وليس الخلاف فيه هاهنا. إلا أن المصنف سيشير بعد قليل أن المراد بالكتاب المكنون عنده هو القرآن. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>