للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد اتفقنا أنه لم يفعل في الصحاري، فدل على أنه فعله في البنيان.

فإن قيل: فإن النبي إنما قصد بما فعله من ذلك الاستخفاء والاستتار، وإنما يؤخذ الشرع من أفعاله التي يظهرها ليسن لنا، فأما ما يقصد كتمانه ولا يظهره، ولا ينتشر عنه فلا يكون شرعا.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أن الذي يستتر به النبي يكون شرعا لنا كالذي يظهره؛ لأنه لا يفعل في نفسه ما لا يسوغ وهو من شريعته، فسواء فعل النبي على وجهه الاستسرار به أو الإظهار فهو شرع لنا إذا وقفنا عليه.

وقد حكى الله - تعالى - عن شعيب أنه قال: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ (١).

ويشهد لما قلناه: أن الصحابة لما اختلفت في وجوب الغسل من الإيلاج، قالوا: "النساء أعرف بهذا، فبعثوا إلى عائشة ، فقالت لهم: إذا التقى الختانان وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله فاغتسلنا" (٢).


= بن عبد البر: "ليس بصحيح؛ لأن أبان بن صالح ضعيف". التمهيد (٦/ ٤٩٦) وضعفه أيضا ابن حزم في المحلى (١/ ١٩٢) بأبان، وقال: ليس بشهور. وتعقبهما ابن حجر فقال: "وصححه البخاري فيما نقله عنه الترمذي، وحسنه هو والبزار، وصححه أيضا ابن السكن، وتوقف فيه النووي لعنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد وغيره، وضعفه ابن عبد البر بأبان بن صالح، ووهم في ذلك؛ فإنه ثقة باتفاق، وادعى ابن حزم أنه مجهول فغلط". التلخيص (١/ ١٠٤) وانظر أيضا البدر المنير (٢/ ٣٠٧ - ٣٠٩).
(١) سورة هود، الآية (٨٨).
(٢) قصة اختلاف الصحابة ورجوعهم إلى عائشة أخرجها مسلم (٣٤٩/ ٨٨) ولكن ليس فيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>