للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: فيه جوابان:

أحدهما: أنه يجوز أن تكون حانت منه التفاتة فرآه (١)، ولم يكن قاصدا لذلك، فنقل ما رأى، ومثل هذا يجوز كما لا يتعمد الشهود النظر إلى الزنى، ثم قد يجوز أن تقع أبصارهم عليه، ويجوز أن يحملوا الشهادة بعد ذلك.

والجواب الآخر: هو أنه يجوز أن يكون ابن عمر قصد ذلك، ولكنه رأى رأسه دون ما عداه من بدنه، ثم تأمل قعوده فعرف كيف هو جالس على اللبنتين، ليستفيد فعله ، فنقل ما شاهد.

فإن قيل: يجوز أن يكون فعل ذلك لضرورة كانت به على ذلك (٢).

قيل: هذا غلط؛ لأنه فعل ما كان نهى عنه، ونهيه إنما ينصرف إلى حال الاختيار دون الضرورة، إذ لا يجوز أن ينهى عما هو مضطر إليه؛ لأن التكليف لا يتعلق بالاضطرار.

وقول الراوي: "رأيته قبل موته بعام يستقبلها لبول" (٣)، معناه: أنه استقبلها وهو على الحال التي وقع النهي عنها، وإنما أراد الراوي أن يفيدنا جوازه على هذه الصفة لغير ضرورة.

وأيضا فإننا رأينا الصحاري والفلوات لا تخلو في الغالب من مصل


(١) بل ورد هذا صريحا فيما أخرجه ابن عبد البر عنه من طريق الشعبي أنه قال: قال أبو هريرة: "لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها"، وقال ابن عمر: "حانت مني التفاتة فرأيت .. ". الحديث. انظر التمهيد (٦/ ٤٩١) وقد أخرجه أيضا البيهقي (١/ ١٥١).
(٢) ومال إليه ابن حجر في حديث جابر كما في التلخيص (١/ ١٠٤).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>