للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها، فمنع من استقبال القبلة واستدبارها لحاجة، لئلا يرى المصلي عورته وفرجه ودبره من خلف، وذكره من قدام وهذا المعنى معدوم في البنيان؛ لأن البناء يمنع من المشاهدة والنظر إلى العورة.

وقد روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: "لا تستقبلوا القبلة في الصحاري فإن الملائكة تشهد الصحاري، وتصلي فيها (١).

فيكون قد أبدى عورته للملائكة، وهذا يشبه المعنى الذي ذكرنا.

وقد روي: "إن الله -تعالى- ملائكة سياحين يصلون، فيكره أن يروا فرج المستقبل أو دبره إن استدبره" (٢).


(١) أخرج الدارقطني (١/ ٦١) والبيهقي (١/ ١٥١) عن الشعبي قال: "إن الله تعالى خلقا من عباده يصلون في الصحراء، فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم، وأما بيوتكم هذه التي تتخذونها للنتن فإنه لا قبلة لها. وقال الدارقطني: "عيسى بن أبي عيسى الخياط هو عيسى بن ميسرة ضعيف". وكذا قال البيهقي، وانظر التلخيص (١/ ١٠٤).
تنبيه: وقع في سنن الدارقطني: "عيسى الحناط" وهو تصحيف، وإنما الصواب: "الخياط". وقال ابن حزم: وقال بعضهم: إنما كان في الصحاري لأن هنالك قوما يصلون فيؤذون بذلك. قال أبو محمد: هذا باطل لأن وقوع الغائط كيفما وقع في الصحراء فموضعه لا بد أن يكون قبلة لجهة ما، وغير قبلة لجهة أخرى، فخرج قول مالك عن أن يكون له متعلق بسنة أو بدليل أصلا، وهو قول خالف جميع أقوال الصحابة إلا رواية عن ابن عمر قد روي عنه خلافها". المحلى (١/ ١٩٢ - ١٩٣).
وعلى فرض صحة هذا الخبر؛ فالبناء عليه ضعيف لوجهين: أحدهما: أن الفعل المباح لا يسقط بالمحتمل البعيد، ومن أين يعلم المتوضئ أن هنالك من يصلي أو من يظنه والمصلي يلزمه أن يكون بصره بين يديه على ما قاله كثير من العلماء؟؛ فذلك أجمع لخشوعه وأضم لنشر خاطره.
الثاني: أن الله ﷿ لم يتعبدنا إلا بما نرى ونسمع، وهذا بين عند التأمل". أفاده ابن العربي في القبس (٦/ ٤٨٥ - ٤٨٦).
(٢) انظر ما تقدم في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>