للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما الجواب عن الأخبار التي رووها فإن هذه الأخبار كلها واردة في الصحاري دون البنيان (١)، ألا ترى إلى قوله : "إذا أتى أحدكم الغائط" (٢)، والغائط هو الفضاء المتسع بين ربوتين (٣).

وروي أيضا في خبر آخر: "إذا أراد أحدكم البراز الغائط أو بول" (٤)، والبراز هو الصحراء (٥).

ولأن النبي إذا خاطب أهل المدينة، والنهي توجه إليهم، ولم تكن لهم أخلية ولا (٧٠) حشوش (٦)، وإنما كانوا يخرجون لحاجتهم إلى


(١) وهذا تعلق بالظاهر، لكن تبقى ههنا نكتة؛ وهي أن العلماء قد اتفقوا على أن الحكم الوارد لا تأثير له في المكان، ولا يختص به إلا بدليل، وكذلك الزمان، ولأن الحكم يسترسل عليهما جميعا حتى يوقفه الدليل أو يصده، وههنا دليل قوي يوقف هذا الحكم على الصحراء، هو أن الناس لو كلفوا ذلك في البنيان؛ لحرجوا وما استطاعوه، واللفظ العام لا يتناول موضع المشقة، ولا يتعلق بما فيه حرج وكلفة. القبس (٦/ ٤٨٤ - ٤٨٥).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٢٢٩).
(٣) وإنما سمي غائطا لأن أحدهم كان إذا أراد قضاء حاجته؛ قال: حتى آتي الغائط فأقضي حاجتي، وإنما أصل الغائط المطمئن من الأرض، فكرر في كلامهم حتى سمي غائط الإنسان بذلك. غريب الحديث لأبي عبيد (٣/ ٩٧١).
(٤) لم أجده بهذا، وبمعناه ما تقدم بلفظ: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، وأيضا ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ١٥٦) من حديث عائشة مرفوعا: "إذا خرج أحدكم إلى الغائط .. ".
وأصرح منه حديث أبي هريرة مرفوعا: "من أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليفعل".
قال الحافظ: "أخرجه أحمد وأبو داود، ومداره على أبي سعد الحمصي وفيه اختلاف، والراوي عنه حصين الحبراني وهو مجهول". التلخيص (١/ ١٠٢ - ١٠٣).
(٥) انظر اللسان (برز).
(٦) الأخلية جمع خلاء، وهو المتوضأ والحشوش جمع حش -بفتح الحاء وضمها- البستان، =

<<  <  ج: ص:  >  >>