للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند أبي حنيفة أن الاستنجاء بذلك يجزئه، ولكنه مكروه (١).

وقال الشافعي: لا يجزئه (٢).

وهذا الذي نختاره، وإن كنا نختلف في نفس الإزالة (٣).

والدليل لما قلته: ما روي "أن النبي نهى عن الاستجمار بالروث والعظم، وأمر بالاستنجاء بالحجر" (٤).

وظاهر النهي إذا تجرد يقتضي فساد المنهي عنه (٥) إلا أن يقوم دليل،


= وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وسائر الفقهاء. إلا الشافعي فإنه قال: ليس من شرطه الصوم. وممن قال شرطه الصيام من الصحابة: ابن عباس، وابن عمر، وعائشة ، وجماعة من التابعين، وقد حكي عن علي وابن مسعود أنه يصح بغير صوم، ومن التابعين الحسن البصري، وقد روي عن علي أنه قال: "لا اعتكاف إلا بصوم"، وحكى ابن جرير الطبري عن الشافعي أنه كان يقول ببغداد: "من شرط الاعتكاف الصيام"، ورأيتهم يغلطونه، ويقولون: إنما نص في قوله القديم أن الصوم فيه مستحب".
(١) التجريد (١/ ١٦١ - ١٦٢) شرح فتح القدير (١/ ٢١٦ - ٢١٧).
(٢) الأوسط (٤٨٠١/ ٤٧٨) المجموع (٣/ ٦٩ - ٧١) وإليه ذهب أحمد بن حنبل. انظر المغني (١/ ٢٠٤) وابن حزم في المحلى (١/ ١١٣).
(٣) وهذا ينقض ما أصله في المسألة السابقة من أن المراد هو إزالة النجس، فبأي شيء حصل؛ جاز، وما قاله من أنه وإن كان إزالة النجاسة سنة فلا ينبغي أن يجزئ إلا من طريق السنة هو نفسه ما رآه من اشترط العدد، فتأمل، ولو قال كما قال أهل مذهبه من الإجزاء مع الكراهة؛ لسلم من الاعتراض عليه، والله أعلم.
(٤) أخرجه البخاري (١٥٥) من حديث أبي هريرة، وقد تقدم حديث سلمان وغيره في هذا.
(٥) في قول جمهور الأصوليين إذا كان النهي لأمر داخل في الذات أو لازم لها، لا إن كان لأمر منفصل، وخالف أبو حنيفة فقال: يقتضي الصحة، واختاره الغزالي، وقال القاضي الباقلاني: لا يقتضي صحة ولا فسادا، وبعضهم قال: يدل على الفساد في العبادات دون المعاملات.=

<<  <  ج: ص:  >  >>