ويجوز أن نقيس دم الاستحاضة على دم الحجامة والفصاد؛ بعلة أنه دم خارج من البدن لا يجب فيه غسل البدن، فلم يجب فيه الوضوء لخروجه عن العادة.
وهذا الكلام إنما يلزم أبا حنيفة في قوله: يتوضأ لوقت كل صلاة.
فإن قيل: فقد اتفقنا على المذي المعتاد أنه ينقض الوضوء ويوجبه، فكذلك هذا بعلة أنه خارج من السبيل (٨٧) غير متصل.
قيل: علة الأصل أنه خارج على وجه الصحة والعادة، وليس كذلك الفرع.
على أنه يسقط بما بيناه من مفارقة دم الحيض لدم الاستحاضة، وهو خارج من السبيل على الوجه الذي ذكرته.
وعلى أنه معارض بالقياس الذي ذكرناه.
فإن رجحوا قياسهم بأن رد ما خرج من السبيل إلى مثله أولى من رد ما خرج من السبيل إلى غيره رجحنا قياسنا بأن العلة فيه تطرد وتنعكس في أن كل ما خرج من السبيل على وجه الصحة على حكمه، وما خرج على وجه المرض يتغير حكمه، كدم الاستحاضة، ويستوي الحكم فيه في الصلاة وغير الصلاة.