للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: أنتم لا تستحبونه (١).

على أنا نحن نرجح فنقول: خبرنا يثبت الإيجاب، وخبركم ينفيه، والمثبت أولى من النافي (٢)، وعند أبي حنيفة أن النافي يسقط من المثبت.

وأيضا فإنه ناقل عن العادة (٣)؛ لأنهم ما كانوا في الأصل يتوضؤون منه، ولأنه يحتاط، ولأن رواته أكثر (٤)

ويشهد أيضا لاستعمالنا: ما رواه قيس بن طلق، عن أبيه، عن النبي


(١) الوارد عنهم أنهم يستحبون غسل اليد منه. انظر المبسوط (١/ ٦٧).
تنبيه: نقل المحقق عن ابن عابدين في حاشيته (١/ ٢٥٠) أنه يقول: "إن الوضوء من مس الذكر مندوب إليه للخروج من خلاف العلماء".
قلت: وليس الأمر كما نقل، بل الذي قاله ابن عابدين هو نفسه ما قاله السرخسي من استحباب غسل اليد فقط.
(٢) لأن المثبت يشتمل على زيادة علم، وقال أبو حنيفة بتقديم النافي لاعتضاده بالأصل، وقيل: يتساويان لأن لكل منهما مرجحا، وقيل: بتقديم المثبت في غير الطلاق والعتاق. وصحح الباجي التساوي، إلا إذا كان أحدهما مثبتا حكما والآخر مستصحب لحكم العقل على وجه يمكن، ولا يكون النافي فيه كاذبا؛ فإنه يقدم المثبت حينئذ. انظر إحكام الفصول (٢/ ٧٥٩ - ٧٦١) الإبهاج (٣/ ١٨٤٠ - ١٨٤٢) نثر الورود (٤١٠).
(٣) والخبر الناقل عن الأصل الذي هو البراءة الأصلية مقدم على الخبر المقرر له عند الجمهور؛ لأن الناقل فيه زيادة على الأصل، وهي إثبات حكم شرعي ليس موجودا في الأصل، بخلاف غير الناقل فمضمونه مستفاد من الأصل، والغرض من البعثة هو التكليف والنقل. وقيل: يقدم المقرر للأصل؛ لأنَّه لو لم يتأخر عن الناقل؛ لم يفد. انظر نثر الورود (٤١٠) الإبهاج (٣/ ١٨٣٠ - ١٨٣٧).
(٤) وكثرة الرواة من المرجحات أيضا، قال صاحب المراقي في تعداد المرجحات:
وكثرة الدليل والرواية … مرجح لدى ذوي الدراية
وذهب بعض أصحاب أبي حنيفة إلى أنه لا ترجيح بكثرة الرواة، وهذا ليس بصحيح كما قال الباجي في الإحكام (٢/ ٧٤٣) وانظر أيضا المستصفى (٢/ ٢٠٩) ونثر الورود (٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>