للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصح أن قوله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ معطوف على أحد موضعين: إما قوله "إذا قمتم من النوم"، أو على قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾.

وعطفه على قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ أولى؛ لأنَّه أقرب المذكور إليه، وهو معطوف عليه، والغائط كناية عما ينوب الناس من الحدث الأصغر، واللمس باليد لا يكون في الغائط، وإنما يفعل خارج الغائط، ولكنه في حكم الحدث الأصغر الذي يكون في الغائط.

وهذا يقوي قول زيد بن أسلم في التقديم والتأخير في الآية إن جعلنا اللمس عطفا على قوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾.

ونقول: أيضا إن الآية لو احتملت ما ذكروا، واحتملت ما نقول، وفرض الصلاة بيقين كان قولنا أولى؛ لأننا نوجب الوضوء احتياطا للصلاة حتى يسقط حكمها بيقين وتعارض التأويلين [كتعارض الخبرين أو القياسين، فرجحنا تأويلنا] (١) بهذا الوجه، وفيه أيضا نقل من براءة الذمة إلى إيجاب الطهارة.

فإن قيل: لو ثبت لكم ما ذكرتم لكان ظاهر الآية يدل على أن الوضوء يجب على من لمس جميع النساء (٢) بقوله: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾. فدليله إذا لمس بعض النساء لم يجب عليه شيء؛ لأنكم تقولون بدليل الخطاب.

قيل: إن هذا وإن كان بلفظ الجمع في الرجال والنساء فالمراد به كل


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٢) فيكون من باب الكل المجموع.

<<  <  ج: ص:  >  >>