وأيضا فإنه تعالى قال: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾، والبداية بـ "أو" لا يصلح إلا بأن يكون لها مقدمة تعطف بها عليها، وإذا لم يكن بد من مقدمة نعطف بـ "أو" عليها نظرنا، فلا يخلو أن تكون المقدمة قوله تعالى ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾، فيكون تقديره: إذا قمتم من النوم، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم.
أو تكون المقدمة قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾.
أو تكون المقدمة لقوله: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ هي قوله: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾.
فيبطل أن تكون المقدمة قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾؛ لأن بعدها ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾؛ لأن الجنابة توجب الغسل، والمجيء من الغائط لا يوجبه.
وإن جعلنا قوله: ﴿لَامَسْتُمُ﴾ عطفا على قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ لم يكن فيه فائدة إن كان لامستم للجماع؛ لأن الجنابة قد ذكرت.
ويبطل أن تكون المقدمة قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾؛ لأن المرض والسفر ليسا بحدث، وإنما تقديره وأنتم محدثون، فإن أراد: وكنتم محدثين الحدث الأصغر فالعطف عليه باللمس الذي هو دون الجماع يصح، وإن أراد "وأنتم يا مرضي مسافرين محدثين بالوطء" فلا فائدة بالعطف عليه باللمس المراد به الجماع؛ لأنَّه يكتفي بقوله:"وأنتم محدثون بالجماع"،