للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلاته مقبل على ربه تعالى، مشغول بخشوعه، بخلاف الغالب منا؛ لأنَّه لا يتطرق عليه طرو الالتذاذ والشهوة بالمس، ونحن إن اتفق لواحد منا مثل ذلك في نادر الحال فهو في مثل حكم النبي ، فلا ينتقض وضوؤه، كما فرقت عائشة بيننا وبينه في القبلة في الصيام، فقالت: وأيكم أملك لإربه منه (١)؟. أي الغالب منكم أنتم بخلافه، فإن قبلنا نحن لغير شهوة فنحن وهو في الحكم سواء.

وقولهم: "يحتمل أن يكون بينهما حائل" فلا تقول وقعت يدي على أخمص قدميه وبينهما حائل، هذا هو الحقيقة.

وعلى أنه لو كان الحكم يختلف لذكرته، أو ذكره .

وقولهم: "إنه في الملموس على أحد القولين" فهذا هو القول الضعيف منهما (٢).

على أنه يفسد في الاعتبار؛ لأن اللذة تحصل تارة بلمسه، وتحصل تارة بأن يُلمس، وتحصل الشهوة منهما جميعا، كما لو مكنته من الإيلاج، أو مكنها منه، وهذا تحكم في [صرف] (٣) المعاني عن حقائقها لنصرة المذاهب، وإنما ينبغي أن تبنى المذاهب على ما توجبه الأدلة، واطراد المعاني فيها، وأن لا يفرق بين حقائقها مع الإمكان.

وأيضا فقد وافقونا على أن استعمال الأخبار واجب، ولا يطرح بعضها


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٣٨٤).
(٢) انظر المجموع (٢/ ٦٢٩ - ٦٣٠).
(٣) في الأصل: ضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>