للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن عمر أنه سأل الأنصار عن ذلك فقالوا: كنا نقول ذلك في بدء الإسلام، فقال لهم عمر: أسمعتم ذلك من رسول الله أنه فرضه من الحكم؟. فقالوا: لا، فقال: فلا إذن (١).

والجواب الآخر: وهو أن إطلاق اسم الماء لا يتناول المني؛ لأن اسم المني خاص به، وإنما يتناوله اسم الماء مجازا، واللفظ محمول على الحقيقة دون المجاز، فيجب أن يرجع إلى معناه دون الحكم بظاهره، ومعنى ما قالت الأنصار: "إن الماء الماء" (٢) من بمعنى أن الاغتسال من الإنزال، والإنزال لا يطلق فيما خرج على غير وجه اللذة والدفق، وكلام النبي يتوجه إلى ما خرج على العادة، وكذلك خرج كلامه في سائر الأحداث التي هي معتادة، كما حكم في الحيض وغيره، ثم لما سئل عما خرج عن العادة من دم الاستحاضة فرق بينه وبين دم الحيض.

فإن قيل: فإنه إنزال فوجب أن يتعلق به الغسل، كالإنزال المقارن للذة.

وأيضا فإن المني يوجب الطهارة العليا، والبول يوجب الطهارة الصغرى، ثم لو بال الرجل بعض البول وبقي البعض، ثم توضأ، ثم أرسل باقي البول وجب عليه أن يعيد الوضوء، وإن كان ذلك البول من بقية ذلك البول كالمني.

قيل: أما القياس على المني للذة فالمعنى في الأصل أنه خارج على


(١) لم أجده بهذا السياق. وقد تقدم قصة عمر في هذا الموضوع في المسألة السابقة. وانظر التجريد (١/ ٢٠٨).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>