للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجمعوه ولا يتيمموا؛ لأن الله تعالى أباح لهم التيمم عند عدم الماء، وهم - عندك - قادرون عليه بأن يجمعوه ليتوضؤوا به.

قيل: هذا لا يلزم؛ لأن أصحاب رسول الله كانوا يسافرون، وفي الغالب أن الأواني التي يجمع فيها الماء يتعذر وجودها في السفر، وإنما يكون معهم ما ما فيه [الماء، وإما (١) أن يكون معهم ما يجمعون فيه ماء الوضوء] (٢) فيتعذر، فلم يؤخذ عليهم ذلك، ألا ترى أنهم لم يجمعوه للشرب الذي ضرورته أشد من ضرورة الوضوء؛ لأن للوضوء بدلا هو التيمم، ولا ينوب مناب الماء في شربه شيء (٣).

ومع هذا فإننا نقلب ذلك فنقول: لما لم ينقل عنهم أنهم جمعوه للشرب، وحاجتهم إليه أشد وجب أن لا يجوز شربه على قود قولكم، فلما جاز شربه بالإجماع مع أنه لم ينقل عنهم جمعه كان الاستعمال أولى.

وأيضا فقد يجوز أن يكون فيهم من جمعه وتوضأ به، كما يجوز أن يكون فيهم من جمعه ليشربه ولم ينقل.

وعلى أن استعماله مكروه عندنا، فعفي لهم عن جمعه واستعماله.

فإن قيل: إنما لم يجمعوه للشرب لأن أنفسهم تعاف شربه.

قيل: هم يشربون في السفر الماء الآجن (٤)، والماء الذي تحله الميتة


(١) المعنى يحتمل كسر همزة (إما) وفتحها، فتأمل.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٣) انظر المجموع (٢/ ١٣٤).
(٤) المتغير الطعم واللون. الصحاح (أجن).

<<  <  ج: ص:  >  >>