للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنفوس تعافه أشد من هذا.

وأيضا فإن النفوس تعاف ما جددت به الطهارة ولم يؤثر في عينه، سواء كان وضوؤه من حدث أو تجديدا، ومع هذا فالوضوء به جائز، وقد كان ابن عمر يجدد الطهارة عند كل صلاة (١)، ولم ينقل عنه أنه جمعه للوضوء به.

فإن قيل: [فإنه ماء] (٢) أُدي به الفرض مرة فوجب أن لا يؤدي به الفرض مرة أخرى، أصله الماء المزال به النجاسة إذا كان متغيرا بالإجماع أنه لا يجوز إسقاط الفرض به (٣).

قيل: هذا خطأ من وجهين:

أحدهما أن إزالة النجس - عندنا - ليس بفرض (٤)، فلا نسلم قولكم: إنه أزال فرضا.

والوجه الآخر: أنه إذا كان الماء متغيرا فلم يزل حكم النجاسة، فكيف يكون مزيلا للفرض وذلك الفرض باق؟ لأن النجاسة لا تزول والماء الذي أزيلت به متغير؛ لأنه ماء، نجس، فالنجاسة لم تزل، فسقط هذا، ولكنه لو أزال حكم النجس بأن غلب الماء عليها فلم يتغير الماء لكان الماء الذي قد زالت به النجاسة طاهرا عندنا، يجوز الوضوء به، كما يجوز بالماء المستعمل، بل المستعمل أولى بالجواز.


(١) أخرجه أبو داود (٤٨).
(٢) في الأصل: فإن ما أدي.
(٣) انظر الهداية مع شرحها لابن الهمام (١/ ٩٤ - ٩٦).
(٤) وقد بين المصنف ذلك بتفصيل فيما تقدم (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>