فإن قيل: إن العضو طاهر غير مطهر، والماء طاهر مطهر، فلما صار العضو مطهَّرا بعد الاستعمال علم أنه سلب من الماء حكم التطهير.
قيل: هذا غلط، مع كونه دعوى، وذلك أننا حكمنا للمحدث (١٣٢) بهذا الحكم لدلالة الشرع، ولم يدل على تغيير حكم الماء بعد تطهيره للمحدث؛ لأن الماء في الأصل يتكرر منه التطهير، لقوله تعالى: ﴿مَاءً طَهُورًا﴾.
على أن هذا فاسد ومنتقض، فإن كان استدلالا فهو فاسد بالماء الذي تغسل به اليد إلى المرفقين بعد الحدث كل جزء من اليد يصير مطهرا بما يلاقيه، ثم ينحدر الماء إلى الجزء الذي يليه فيصير مطهرا، وكذلك في الجزء الثالث إلى المرفق، فكان ينبغي أن لا يجوز إمرار الجزء الأول، وقد صار الجزء الذي لاقاه مطهرا؛ لأن ما لاقاه وصار طاهرا قد سلبه حكم تطهيره، فلما كان انحدار الماء إلى آخر اليد قبل انفصاله عنها طاهرا مطهرا علمنا أنه لم يسلب حكم تطهيره، فكذلك إذا انفصل عن آخر العضو.
وإن كان ذلك قياسا فهو منتقض بهذا.
فإن قيل: لا يصير شيء من العضو مطهرا إلا بسقوط الماء على آخره.
قيل: فينبغي أن لا يصير العضو كله مطهرا إلا بغسل آخر الأعضاء؛ لأن الطهارة لا تتم إلا بالفراغ من غسل سائر الأعضاء.
فإن قيل: فإنه ماء الذُّنوب؛ لأن النبي ﵇ قال:"إذا توضأ تحاتت الذنوب فيه"(١).
(١) يشير إلى ما أخرجه مسلم (٢٤٤/ ٣٢) من حديث أبي هريرة مرفوعا: "إذا توضأ العبد المسلم=