للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: قد اجتمع في الخبر دليل خطاب وتعليل، والتعليل صريح، فقضى على الدليل، فنحمل الدليل على أنه أراد أن الهر ليست بمبعدة؛ لأن النجس في اللغة هو المبعد (١)، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ (٢)، والكافر ليس بنجس العين، فكأنه أراد أن الكلب مبعد، والهر ليست بمبعدة.

والتعليل بكون الهر من الطوافين يدل على طهارتها، لكونها من الطوافين، والكلب كذلك يطوف عليهم للانتفاع به في الصيد والزرع، والضرع، فلا فرق بين أن يطوف عليهم في بيوتهم، أو مواضع ماشيتهم، وصيدهم، وزرعهم.

وأما النهي عن اقتناء ضرب منها لأنها في الحِلل (٣) تروّع المسلم لا يدل على تنجيسها، إذ لو كانت نجسة لم يفترق حكمها في كل موضع، فإن دل على كونها نجسة من منع في اقتنائها في البيوت دل على طهارتها إذا اقتنيت للصيد والضرع والزرع، إذ لا أحد يفرق في تطهيرها أو تنجيسها في الموضعين.


= قال: زجر النبي عن ذلك.
وقال النووي: "وأما النهي عن ثمن السنور؛ فهو محمول على أنه لا ينفع، أو على أنه نهي تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته والسماحة به كما هو الغالب، فإن كان مما ينفع وباعه؛ صح البيع، وكان الثمن حلالا، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة، إلا ما حكى ابن المنذر عن أبي هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد أنه لا يجوز بيعه، واحتجوا بالحديث، وأجاب الجمهور عنه بأنه محمول على ما ذكرناه، فهذا هو الجواب المعتمد". شرح مسلم (١٠/ ١٩٢).
(١) انظر اللسان (نجس).
(٢) سورة التوبة، الآية (٢٨).
(٣) جمع حِلة - بكسر الحاء - وهي منزل القوم وجماعة البيوت ومجتمع الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>