للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا ثبت بالعلل طهارة الكلاب كلها لم يدل النهي على اقتناء بعضها في حال دون حال على تنجيسها، ألا ترى أن النبي قد نص على تحريم في البُر (١) لعلة من العلل، وتلك العلة موجودة في الأرز والدُّخْن (٢)، فلو قال: لا تأكلوا البر في هذا الوقت، أو في هذه الدار، أو إذا بيع قبل قبضه لم يكن هذا مزيلا لعلة الربا، فكذلك نهيه عن اقتناء الكلب في موضع ما، وأن لا يطوف عليهم في الحِلة لا يزيل حكم طهارته للعلة التي وردت في الهر، واستوائهما فيها.

على أننا قد نهينا أيضا عن اقتناء ما يتأذى بها، ويتأذى بها الناس، وليس في ذلك دليل على زوال طهارتها.

على أنه قد أباح اقتناء الكلب من صيد، وزرع، وضرع (٣)، فهو طاهر كالهر.

وأيضا فقد روي عن عائشة أنها قالت: "كنا نتوضأ أنا ورسول الله (١٣٥) من إناء قد أصابت منه الهر" (٤).

وقد علم أنها سبع من السباع ذو ناب، تفترس الحي ولا ترعى الكلأ،


(١) رواه البخاري (٢١٣٤) ومسلم (١٥٨٦).
(٢) الدخن نبات عشبي من النجيليات، حبه صغير أملس كحب السمسم، ينبت بريا وبحريا. انظر القاموس (٤/ ٢٥٠) والمعجم الوسيط (٢٧٦).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٥٣٨).
(٤) أخرجه ابن ماجه (٣٦٨) وعبد الرزاق (١/ ١٠٢) والدارقطني (١/ ٦٩) وفيه حارثة بن أبي الرجال، ضعيف كما في التقريب (١٤٩) ويشهد له حديث أبي قتادة السابق، وكذا ما أخرجه ابن خزيمة (١٠٣) عن عائشة أن رسول الله قال في الهرة: "إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت".

<<  <  ج: ص:  >  >>