للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم تنقل إلينا ذلك إلا لتفيدنا أن هذا الجنس طاهر، لا تخصيصا للهر؛ لأن جميع المعاني التي في السباع موجودة فيها [ولو أرادت تخصيص الهر من جملة السباع وفيها من المعاني ما فيها] (١) لم يكن بد من أن تبين لأي معنى خصت، فلما لم تبين علمنا أنها نبهت على جملة السباع التي هي مثلها، وأنها بهذه المنزلة، ألا ترى أنها لما قالت كنت أتوضأ أنا ورسول الله من إناء واحد" (٢)، أرادت أن تعلمنا بأننا كلنا يجوز لنا ذلك، لا أنها أرادت تخصيص عينها وعين النبي ، فكذلك لم ترد تخصيص عين الهرة بذلك.

فإن قيل: إنها لم ترد تخصيص ذلك الهر دون غيرها من السنانير (٣)، وإنما أرادت جنس السنانير دون سائر السباع، كما أنها لم ترد عينها وعين النبي ، وإنما أرادت ما هو من جنسها دون الحمير، والدواب، وغير ذلك.

قيل: لا فرق بين الأمرين إذا كان المعنى في الهر وسائر السباع واحدا، إلا أن يبين موضع التخصيص، إذ جنس السباع واحد وإن اختلفت صورها وخلقها، كما أن جنس بني آدم واحد وإن اختلفت خلقهم وصورهم.

وعلى أننا عقلنا أنها أرادت بالوضوء جنس بني آدم دون الحمير والدواب؛ لأنها خصصته بذكر الوضوء الذي لا يصح إلا من المتعبدين دون غيرهم.


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠١).
(٣) السنانير جمع سنور، قال في اللسان: (سنر): "السنار والسنور الهر مشتق منه".
وفي المعجم الوسيط (٤٥٤): حيوان أليف من الفصيلة السنورية ورتبة اللواحم، من خير مآكله الفأر، ومنه أهلي وبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>