للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتوضئ إلى غسل يده قبل إدخالها (١٣٨) في وضوئه (١).

فإن قيل: فكيف خصت الأواني بذلك دون غسل الصيد إذا نيبه الكلب عندكم؟ وخص ذلك الإناء أيضا بالغسل كما خص غسل موضع النجاسة، والأواني أيضا لا تعبد عليها؟ وخص الماء وحده من بين غيره من المائعات؟.

قيل: أما تخصيص الأواني فلأن الكلاب في الحضر وبين الناس تروع المجتاز والضيف، وتلغ في الأواني، وفي الصحاري ومكان الصيد والمواشي والزرع لا ينتشر الناس في الغالب فتروعهم، ولا تكون الأواني هناك.

وأما تخصيص داخل الأواني فإنه موضع الاستعمال، والقدر من الريق هو المستقذر يحصل داخل الإناء وإن لم يكن نجسا.

وأما تخصيص الماء وحده فإنه في الأغلب لا يحفظ كما يحفظ غيره من المائعات، فالكلب في الغالب يشرب الماء دون غيره من المائعات.

وقولهم: "لا تعبد على الأواني" فإننا نقول: نحن المتعبدون فيها، كما تعبدنا بأن نربص الصغيرة المعتدة، وتعبدنا بغسل الطيب من ثوب المحرم، وكما تعبدنا بغسل الميت الذي لا يخلو أن يجب غسله لنجاسة تزول، أو لعبادة، فإن كان الميت نجسا بالموت فإن نجاسته لا تزول بالغسل، وإن ذهب عنه الدرن، وإن كان طاهرا وعليه نجاسة فليس هو متعبدا بإزالتها بعد الموت (٢)؛ لأن العبادة قد انقطعت عنه، فصرنا نحن المتعبدين بغسله،


(١) تقدم تخريج الحديث والكلام على هذه المسألة فيما سبق، وهي المسألة الأولى من هذا الكتاب.
(٢) قال النووي: "الأصح عندنا أنه لا ينجس، وبه قال مالك وأحمد وداود وغيرهم، وقال=

<<  <  ج: ص:  >  >>