للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (١).

فأطلق تعالى اسم الماء في هذه المواضع، وهذا قد زال عنه إطلاق الماء حتى صار مقيدا بصفة مما حل فيه.

يدل على ذلك: أنه لو أمر غلامه بشراء ذلك، فجاءه بماء القراح عصاه، وحسن تعنيفه، له ولو قال له: اشتر لي ماء، واسقني ماء، فجاءه بهذا الماء المتغير حسن تعنيفه، له وكان الغلام عاصيا بذلك.

وأيضا قول النبي لابن مسعود: "هل معك ماء؟ ". فقال: "لا، ولكن معي ماء نبذت فيه تمرا" (٢).

فلو كان اسم الماء في الإطلاق يتناوله لم يقل: ليس معي ماء، ولكان ينكر عليه، ويقول: هذا ماء، وهو أحسن حالا من ماء الزعفران الذي قد تغير طعمه، ولونه، وريحه.

وأيضا فقد اتفقنا على أن أجزاء الزعفران إذا غلبت على أجزاء الماء خرج الماء عن إطلاقه، ولم يجز الوضوء به، والعلة في ذلك أنه ماء بان فيه لون الزعفران.

وأيضا فقد وافقونا على أن ماء الباقلاء المطبوخ لا يجوز التوضؤ به (٣)، وفيه من غلبة الماء مثل ما في الزعفران.

ولنا القياس على نبيذ الزبيب بعلة أنه ماء خالطه شيء يستغني عنه،


(١) سورة الأنفال، الآية (١١).
(٢) تقدم تخريجه (٣/ ٧).
(٣) انظر التجريد (١/ ٦٦ - ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>