للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحده فيكون طاهرا غير مطهر، وعندهم أن الماء المستعمل نجس على مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف (١)، فينبغي أن لا تجوز إزالة النجاسة به.

فإن ركبوا قول محمد بن الحسن في أن الماء المستعمل طاهر.

قيل لهم: فعلى كل حال إزالة النجاسة آكد - عندكم - من رفع الحدث (٢) بدليل أن إنسانا لو كان معه ماء لا يكفيه لرفع الحدث وإزالة النجس جميعا، وهو يكفي لأحدهما فإنه يزيل به النجس ويتيمم للصلاة (٣)، فإذا كانت إزالة النجس أقوى ولم يرتفع الحدث بالمائع فأولى أن لا يزول به النجس.

وأيضا فإن تيمم المحدث يسقط الفرض، وتيمم من عليه نجاسة لا يسقط الفرض، فإن صلى وعليه النجاسة كانت عليه الإعادة، فعلم بهذا أن إزالة النجس عندهم - أغلظ وأقوى من رفع الحدث، فلما كان الحدث الذي هو دونها لا يرتفع إلا بالماء دون سائر المائعات غيره كانت النجاسة التي هي أقوى - أولى أن لا ترتفع بالمائعات غير الماء.

وأما على أصولنا فإن إزالة النجاسة أخفض من إزالة الحدث لا محالة؛ لأن الناس (١٥٢) اختلفوا في وجوب إزالة النجس، فقال بعضهم: فرض،


(١) إلا أن نجاسته عند أبي حنيفة مغلظة، وعند أبي يوسف مخففة، وخالف محمد فقال: إنه طاهر غير مطهر. انظر شرح فتح القدير (١/ ٩٠) وقد تقدم الخلاف في هذه المسألة بتفصيل.
(٢) ليس كذلك كما تقدم، وإنما "ابتدأ المسافر بإزالة النجاسة لا لتأكدها، لكن يصير جامعا بين الطهارتين، ألا تري أن الماء لو لم يكف للنجاسة وجب أن يبتدأ بالوضوء حتى لم يمكن الجمع". التجريد (١/ ٦٤).
(٣) قال النووي: "وهذا متفق عليه عند أصحابنا، وحكاه العبدري عن أبي حنيفة ومحمد وأحمد وداود، ورواية عن أبي يوسف، وبه قال ابن المنذر". المجموع (٣/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>