للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه بالماء" (١).

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (٢)، ولم يخص ما يطهر به.

وأيضا فإننا نفرض المسألة في هل يجوز أن تطهر النجاسات بغير الماء؟. فإن سلمتم لنا ذلك سلمت المسألة.

قالوا: ولعاب الهر مائع طاهر، ثم قد اتفقنا على أنها لو أكلت ميتة ثم ولغت في إناء لم تنجسه (٣)، ولم نجد هاهنا ما أزال تلك النجاسة إلا لعابها، فدل على ما ذكرناه.

قيل: أما قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (٤) لا نسلم أنها تطهر بغير الماء، ولكنها تطهر بما ذكره تعالى من قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (٥)، وبما ذكره لأسماء (٦).

على أن قوله: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (٧) معناه عندنا: وقلبك فنقه، على ما ذكره


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٢٤٧).
(٢) سورة المدثر، الآية (٤).
(٣) في نسبة هذا القول للحنفية نظر فإن صاحب الهداية (١/ ١١٦) قال: "ولو أكلت فأرة ثم شربت على فوره الماء تنجس، إلا إذا مكثت ساعة لغسلها فمها بلعابها، والاستثناء على مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى".
قلت: وبهذا تعلم أن الاعتراض الذي ذكره المصنف على لسان الخصم فيه نظر لأن كلامه مع من يجوز التطهير بغير الماء من المائعات، وهم أبو حنيفة وأبو يوسف، وقد قالا بخلاف ما حكاه عنهما كما تبين مما نقله صاحب الهداية.
(٤) سورة المدثر، الآية (٤).
(٥) سورة الأنفال، الآية (١١).
(٦) تقدم تخريجه (٣/ ٢٤٧).
(٧) سورة المدثر، الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>