للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس، ولم يرد به طهره من نجاسة (١).

وأما ولوغ الهر فلا يلزمنا من وجوه (٢):

أحدها: أن نفس لعابها لو كان نجسا وحل في الماء لم يغيره، وهو طاهر كسائر الأنجاس التي لا تغير الماء، فكيف ولعابها طاهر؟. ولو بقي في فمها شيء من دم الميتة، فشاهده، ثم حصل في الماء ولم يغيره لكان الماء طاهرا عندنا (٣).

ثم لا يلزم أيضا لغيرنا ممن ألزموه؛ لأنهم على ضربين:

منهم من يقول: إن لم تبرح الهر بعد أكلها الميتة حتى شربت من الإناء فإنه نجس (٤)، وإن غابت ثم رجعت فشربت من الإناء كان طاهرا لجواز أن يكون قد شربت في غيبتها ماء فغسل ما في فيها (٥).

ومنهم من يقول: هذه حال ضرورة، ولا يمكن الاحتراز منها؛ لأنها من الطوافين عليكم، فعفى عن ذلك للضرورة، كما عفي عن دم البراغيث (٦).


(١) انظر ما تقدم حول هذا (٢/ ٢٥٨) وانظر أيضا أحكام النجاسات (٣٦٩ - ٣٧٣).
(٢) لم يذكر إلا وجها واحدا.
(٣) وهو ظاهر المذهب عند الحنابلة كما قال الآمدي فيما نقله عنه ابن قدامة في المغني (١/ ٦٣) واختاره الغزالي والشيرازي من الشافعية. انظر المجموع (٢/ ١٥٢).
(٤) وهو اختيار أبي حنيفة وأبي يوسف كما تقدم عن صاحب الهداية، وذكر الكاساني أنه اختيار أبي حنيفة فقط. وأما أبو يوسف ومحمد فيقولان بالتنجيس في الحالتين. انظر بدائع الصنائع (١/ ٣٨٧).
(٥) تقدم نقل هذا عن صاحب الهداية قبل قليل. واختاره القاضي وابن عقيل من الحنابلة. وهو الأصح عند الشافعية. انظر المغني (١/ ٦٣) والمجموع (٢/ ١٥١).
(٦) واختاره النووي في المجموع (٢/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>