للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخمر، فإذا انقلبت الخمر خلا انقلبت تلك الأجزاء أيضا خلا، فلم تزل بالخل أصلا، وإنما انقلبت كما انقلبت نفس الخمر، فوزان مسألتنا: أن تصيب الثوب نجاسة، فتنقلب عينها فتصير طاهرة، فنقول: إن هذا لا يحتاج إلى غسل.

ثم نقول: لو كان الدن إنما طهر بالخل على طريق الغسل لوجب أن لا يحكم بطهارته، ولا بطهارة ذلك الخل، ألا ترى أن إناء لو كان فيه بول أو دم فصب عليه الخل حتى ملأ الدن فإن الخل ينجس ولا يطهر الإناء، فعلمنا أن الدن لم يطهر بكون الخل فيه، وإنما طهر بما ذكرناه (١).

ويبين ذلك: أن الدن لو جرد حتى تنقلع منه تلك الأجزاء لحكمنا بطهارته؛ لأن الأجزاء النجسة زالت عنه.

ثم نقول أيضا: إن من مذهبهم أن الماء الذي تغسل به النجاسة يكون نجسا، فكيف بالخل؟. فلو كان الدن إنما طهر بغسل الخل له لوجب أن يكون ذلك الخل نجسا، ألا ترى أنه لو كان الدن نجسا بالخمر ثم غسل بخل آخر لم يطهر وينجس الخل.

وقولهم: "إن الحكم إذا وجب لعلة زال بزوالها" باطل على مذهبهم بعظم الخنزير أو شعره إذا غمس في الماء فإن الماء نجس بوجوده فيه (٢)، ثم إذا أخرجه منه زالت العين ولم تزل نجاسة الماء، وقد ارتفعت العلة ولم يرتفع الحكم.

وقال بعضهم: "قد يبقى في الماء جزء لطيف، فلهذا بقيت نجاسة


(١) نحوه في المجموع (٢/ ٥٠).
(٢) انظر الهداية مع فتح القدير (١/ ٩٧ - ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>