للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماء"، وهذا ليس بشيء؛ لأنه لا ينحل من الشعر شيء.

فإن قيل: النجاسة التي حصلت لأجله قد زالت بزواله، ولكن تعقبته علة أخرى، فهو نجس بمعنى آخر؛ لأن العلة تخلف العلة.

قيل: نحن كذلك نقول: إن الخل إذا لاقى النجاسة زالت تلك النجاسة، ولكنه يصير الخل نجسا، فيصير الكل نجسا، فلم يزل حكم النجاسة.

على أننا نقول: إن العين لو انقلعت بالخل لم نقل: إن أثره ينقلع، ولو قلنا: إنه لم تكن العلة وجود النجاسة حسب لجاز؛ لأننا نقول: إنه قد كان يجوز أن نتعبد بترك زوالها، وإنما منعنا الشرع، فقد صار الشرع أوجب ذلك مع وجودها، فإذا زال وجودها لم يزل الحكم إلا بشرع.

فإن قيل: إن الشرع قد أوجب زوالها لما حدثت.

قيل: إن الشرع قد يوجب الحكم لوجود شيء، ثم يزول ذلك الشيء فلا يزول الحكم، مثل: المطلقة ثلاثا، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (١)، ثم قد تنكح فلا تحل لعلة أخرى، وهكذا الحائض لا يجوز وطؤها لأجل الدم، ثم ينقطع الدم لأكثر مدة الحيض فلا يحل وطؤها لعلة أخرى، وهي الغسل (٢).

فإن قيل: إن المقصود من إزالة النجاسة إزالتها حسب من غير تعبد بدليل أنه لو جاء عليها مطر لطهر الموضع، فإذا كان المقصد فيها إزالتها


(١) سورة البقرة، الآية (٢٣٠).
(٢) لعل الصواب: ترك الغسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>