للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الزبير: نزحها فغلبه الماء فلم يقدر عليه (١).

وعلى أن ابن عباس يقول: إن ابن آدم لا ينجس بالموت (٢)، فالماء لا ينجس، فلم ينزحها لنجس.

وقولهم: "إنه قد اجتمع في الماء مباح ومحظور، وإن اجتناب المحظور واجب" فإننا نقول: إن النجاسة إذا غلبت على الماء وجب اجتناب المحظور، وإذا غلب الماء على النجاسة جاز استعمال المباح؛ لأن للماء خصيصة ليست لغيره، ألا أنه تري في الغدير والقلتين على ما قلناه، إن تغير وجب اجتنابه، وإن لم يتغير لم يجب اجتنابه، وقد فرقنا وأنتم بينه وبين سائر المائعات، فوجب أن يكون الحكم للتغير حيث كان، وأن يكون الحكم للماء [إن] (٣) لم يتغير، وهذا مستمر؛ لأن الاتفاق قد حصل عليه إذا تغير في القليل والكثير، وإذا لم يتغير الماء فرق المخالف بين القليل والكثير، فكان اعتبارنا هو الصحيح.

ثم إن هذا الاعتبار يسقط مع النص من قوله : "خلق الله الماء طهورا ينجسه شيء إلا ما غيره" (٤).

وهذا كما ترك أصحاب أبي حنيفة قياس الأصول وأجازوا الوضوء


(١) انظر ما تقدم نقله عن أبي عبيد قبل قليل، والمجموع (٢/ ٨٠).
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٥٠٨) مرفوعا، والبيهقي مرفوعا وموقوفا، ولفظه: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم". والصحيح وقفه على ابن عباس كما حققه الألباني في الضعيفة (٦٣٠٤) وفات المحقق تخريج هذا الأثر.
(٣) في الأصل: وإن لم يتغير، وهو يقلب المعنى المقصود.
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>