للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن قوله : لا بأس لا يفيد الطهارة ورفع النجاسة، كما روى البراء بن عازب أن النبي قال: "لا بأس ببول ما أكل لحمه" (١).

والوجه الآخر: أن النبي إنما حكم بطهارة الشعر بشرط الغسل (٢)، وهذا معنى غير معتبر عندنا وعندكم؛ لأنه - عندنا - لا يطهر بالغسل، وعندكم لا يفتقر إلى الغسل، وقد جعل من شرطه الغسل.

قيل: أما قولكم: "إن الحديث لا يصح" دعوى بلا برهان فلا يسمع (٣).

وقوله : "لا بأس ببول ما أكل لحمه" فكذلك نقول أيضا، فلا فرق بين الموضعين.

وقولكم: "إن النبي حكم بطهارة الشعر بشرط الغسل، وأنه لا يفتقر إلى الغسل عندكم" فإننا نقول: إنما ذكر الغسل على طريق الندب تنظفا لما يحدث من الحيوان عند موته، والمقصد إعلامنا جواز استعماله، وأنه طاهر في نفسه، ولا ينجسه الموت (٤).

ويدل على صحة قولنا: ما رواه ابن عباس أن النبي مر بشاة لمولاة ميمونة ميتة، فقال: "ما على أهلها أن لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا


(١) أخرجه الدارقطني (١/ ١٢٨) وفيه سوار بن مصعب، وهو متروك عند جميع أهل النقل.
وأخرجه أيضا من حديث جابر (١/ ١٢٨) وفي إسناده عمرو بن الحصين، متروك، ويحيى بن العلاء، وهو كذاب يضع الحديث. وقال ابن حجر في الحديثين: "إسنادهما ضعيف جدا". التلخيص (١/ ٤٣).
(٢) انظر المجموع (٢/ ٢٣٣).
(٣) بل حقيقة مبرهنة كما تقدم.
(٤) وقد يقف جواز الانتفاع به على الغسل إذا كان عليه نجاسة لا لموته. التجريد (١/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>