للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولنا ما رواه داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر: أن رسول الله سئل فقيل له: أيتوضأ بما أفضلت الحُمُر؟. فقال: "نعم، وبما أفضلت السباع كلها" (١).

وهذا نص؛ لأنه جوز التوضؤ بسؤر الحمار، وهم يمنعون منه، وكذلك سؤر السباع كلها، وأبو حنيفة إما أن يكرهها أو يمنع من ذلك.

وهذا الخبر يلزم الشافعي أيضا؛ لأن الكلب والخنزير من جملة السباع وقد روي فيه "والكلاب" (٢).

فإن قيل: المراد بقوله: "وبما أفضلت" مثل أن تشرب من نهر أو دجلة.

قيل: عنه جوابان:


(١) أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ٢٣) والدارقطني (١/ ٦٢) وفيه جماعة تكلم فيهم: إبراهيم بن أبي يحيى، وسعيد بن سالم القداح، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة. وقد ذكر ابن الملقن اختلاف العلماء فيهم بين معدل ومجرح، وأعل أيضا بالاختلاف في إسناده بين الوصل والقطع. وأجاب ابن الملقن بأنه تعليل لا يقدح لأن الحديث روي من طريقين: إحداهما مقطوعة، والأخرى متصلة، ونقل عن البيهقي أنه قوى الحديث بطرقه. انظر البدر المنير (١/ ٤٦٧ - ٤٧١).
وقال النووي: "وهذا الحديث ضعيف لأن الإبراهيمين ضعيفان جدا عند أهل الحديث، لا يحتج بهما، وإنما ذكرت هذا الحديث وإن كان ضعيفا مشهورا في كتب الأصحاب، وربما اعتمده بعضهم فنبهت عليه، ولم يذكره الشافعي والمحققون من أصحابنا ليسوا معتمدين عليه، بل تقوية واعتضادا، واعتمدوا حديث أبي قتادة، وقد قال البيهقي في حديث الإبراهيمين: إذا ضمت أسانيده بعضها إلى بعض أخذت قوة". المجموع (٢/ ١٥٥).
قلت وقول النووي: "لم يذكره الشافعي" وهم، بل قد ذكره في كتابه الأم كما تقدم.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ من حديث جابر، وإنما هو وارد في الحديث قبله الذي سئل فيه عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها الدواب والسباع والكلاب. وانظر المجموع (٢/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>