للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي فيه، خاصة العميان ومن يفطر بالليل، ولم نسمع عن أحد إنكار ذلك.

ثم كيف يكون ذلك الماء الطاهر فيخرج منه الذباب - وقد تهوى بالطبخ فيه - فيجعل في ماء مثله فينجس ذلك الماء، إن كان هذا نجسا فالماء الذي كان فيه أولى بالتنجس، فلا يصح لهم الفرق هاهنا إلا بأن يقولوا: إذا طبخ الباقلاء فإن ماءه ورد على نجاسة الدود والذباب الذي في الباقلاء، وإذا ورد الماء على النجاسة طهرها وإن كان دون القلتين، وليس كذلك إذا أخرج الدود من الباقلاء وطرح في ماء قليل؛ لأن هذه نجاسة وردت على الماء، وهذا قد تكلمنا عليه (١).

ثم نقول: هذا فاسد بالخل والمائعات غير الماء، فإن ورود النجاسة على المائع غير الماء كورود المائع على النجاسة، وهذا الخل الذي فيه الدود طاهر، فينبغي إذا أخذ الدود منه وطرح في خل آخر أن لا ينجس، [فإن تنجس فالخل] (٢) الذي تولد فيه الدود أولى أن يتنجس.

وإذا أنصف الإنسان نفسه، واتقى ربه علم صحة هذا، ولم يخرج عن الإجماع فيه (٣)، ونحن نعلم أن الشافعي لم يقل في القول الآخر: إنه لا ينجس شيئا وقع فيه إلا وقد بان له الحق فيه، فينبغي أن يعمل على هذا القول ونطرح القول الآخر، ولا نتعرض له (٤).


(١) انظر ما تقدم (٣/ ٨٢).
(٢) في الأصل: وإن تنجس بالخل.
(٣) سبق أن النووي ذكر أن الشافعي لم يخرق الإجماع، بل قال بقوله محمد بن المنكدر ويحيى بن أبي كثير، وهما إمامان جليلان.
(٤) وهو الذي فعله المحققون من أهل مذهبه، وصححوا القول بعدم التنجيس كما سبق نقل ذلك في بداية المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>