للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا ما روي عن أنس أن النبي قال: "ليس بشرب بول كل ذي كرش بأس" (١).

وأيضا ما روي في حديث العُرنيين أن النبي أباحهم شرب ألبان الإبل وأبوالها (٢)، فجعل ذلك بمنزلة اللبن فلو كانت نجسة ما أباحهم ذلك، فظاهر الإباحة لا يصرف عن ظاهره إلى ضرورة أو مرض إلا أن يذكر في الخبر ما يوجب ذلك.

فإن قيل: إنما أباحهم شرب البول للمرض لأنهم لما اجتووا (٣) المدينة استوخموها، فاصفرت وجوههم، وانتفخت بطونهم (٤)، فأباحهم ذلك.

قيل: إن صح هذا وكان اللبن لا يخلو أن ينتفع به كمنفعة البول أو يضاده، فإن كان يضاده فلا ينبغي أن ينتفعوا بالشيء وضده، أو تكون المنفعة فيهما واحدة، فينبغي أن يستغنوا باللبن الذي هو حلال عن البول النجس الحرام، فلما أباحهم ذلك علمنا أنه لم يبحهم ذلك للمرض.

وأيضا فإن المرض لا يجوز أن ينتفع فيه بشيء نجس (٥) لقول النبي :


(١) أخرجه عبد الرزاق (١/ ٣٧٨) عن أنس من قوله لا بأس ببول كل ذات كرش". وأخرجه (٩/ ٢٥٩) أيضا عن الحسن من قوله. ولم ينبه المحقق لا على المقطوع ولا على الموقوف، واكتفى بقوله لم أجده.
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٣) ومسلم (١٦٧١/ ٩ - ١٠ - ١١).
(٣) أي أصابهم الجوى، وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها أي استثقلوها. النهاية (١٧٤).
(٤) عند مسلم (١٩٧١/ ١٠): "فاستوخموا الأرض، وسقمت أجسامهم". وعند النسائي (٣٠٦): "حتى اصفرت ألوانهم، وعظمت بطونهم".
(٥) على خلاف بين العلماء في ذلك. انظر أحكام النجاسات ص (٦٥٦ - ٦٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>