الدلالة في إزالته بشيء مخصوص، وهذه قضية في عين تحتمل ما قلته.
ثم لا يمتنع أن يكون قال له:"أمطه عنك بإذخرة" فيوافق مذهب أبي حنيفة في أنه نجس يابس يزال بإذخرة، ثم تقوم لنا دلالة الغسل بما قدمناه من الدلائل.
فإن قيل: فقد خلق منه الأنبياء والأولياء، ولا يجوز أن يخلقوا من نجس.
قيل: عنه جوابان:
أحدهما: أنهم قد يكونون علقة نجسة فلا ينقصهم ذلك، وإنما كرامتهم أن يُصطَفوا ويؤتمنوا على الوحي إن كانوا أنبياء، وبالإحسان إليهم والتوفيق لهم، وأن يبجلوا ويعظموا وتمتد النعم لديهم، فأما خلقهم في الابتداء من مني فقد قلنا: إن الذي خلقوا منه لا يحكم له بتطهير ولا بتنجيس، والمنفصل المتنازع فيه لم يخلقوا منه، ثم مع كرامتهم وكونهم أنبياء هو ذا يخرج منهم الغائط، والبول، والدم المتفق على نجاسته، ولم ينقصهم ذلك.
والجواب الآخر: هو أنه لو وجب أن يكون طاهرا؛ لأن الأنبياء خلقوا منه لوجب أن يكون نجسا؛ لأن الفراعنة والطغاة قد خلقوا منه.
فإن قيل: فإن الله تعالى خلق آدم من ماء وطين، وهما طاهران فوجب أن يكون ما خلق منه غيره من جنسه مخلوقا من طاهر، لمشاركته له في جنسه.
قيل: هذا غير لازم؛ لأنه لما لم يشركه في ابتداء خلقه لم تجب مساواته له فيما ذكرتم، ألا ترى أن آدم لم ينتقل في رحم فيكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، والعلقة دم من سائر الدماء إذا انفصلت حكم لها بالنجاسة، فكذلك