للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أيضا أن يكون قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١) أي من المقصود، ولأن معناه: اقصدوا صعيدا طيبا، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم من المقصود الذي هو الصعيد، وقد ذكرنا أن اسم الصعيد حقيقة إما أن يكون لنفس الأرض على ما ذكرناه، أو لما تصاعد منها فهو المقصود، ولا يخص التراب منه دون غيره، وإن كان الصعيد اسما للأرض ولما تصاعد منها فذلك مقصود، لا يختص موضع تراب من موضع غيره.

فإن قيل: فقد روى أبو عوانة، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان، أن رسول الله قال: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا" (٢).

وروي عن سعيد بن مسلمة بهذا الإسناد عن حذيفة أنه قال: "وجعل ترابها طهورا" (٣).

وهذا نص؛ لأنه لخص التراب بالطهور، وما عداه فليس بتراب، فدليله أن غير التراب ليس بطهور.

قالوا: وهذه زيادة في الخبر على قوله: "جعلت لي الأرض مسجدا


(١) سورة المائدة، الآية (٦).
(٢) أخرجه من هذه الطريق أبو عوانة في مستخرجه (١/ ٣٥٣) والدارقطني (١/ ١٧٥ - ١٧٦) وصححه ابن حبان (٦٤٠٠) وهو عند مسلم (٥٢٢/ ٤) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن فضيل عن أبي مالك به.
(٣) أخرجه من هذا الطريق الدارقطني (١/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>