للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: عنه جوابان:

أحدهما: أنه لا يبنى المطلق على المقيد إلا بدليل (١)، وإنما عملنا ذلك في الشهادة؛ لأن الغرض منها التوثق الذي يقع الحكم به، ولا يحكم بغير العدل، فلذلك اعتبرت العدالة، وأما الرقبة المؤمنة في كفارة القتل شرطت في مواضع التكفير، فوجب أن تكون كل كفارة كذلك، ألا ترى أن الإطعام في الكفارة لا يجوز وضعه إلا في مؤمن، وكذلك العتق لا يوقع إلا في مؤمن (٢)، ومع هذا فإن المطلق يبنى على المقيد في الأوصاف والشروط، فأما في زيادة أحكام فلا يجب إلا من حيث الدليل، ألا ترى أن الله تعالى ذكر غسل الأربعة الأعضاء في الوضوء، وأمسك عن ذكر عضوين منها في التيمم، ثم لم يجب أن يبنى حكم التيمم على الغسل، فكذلك لا يبنى حكم الذراعين في التيمم على تقييدهما بالمرفقين في الغسل؛ لأنه زيادة عضو، كما أن الرأس والرجلين زيادة عضوين في الوضوء.

وكذلك لما اختلف العدد في باب الشهادات، فطلب في الزنا أربعة، وفي غيره اثنان (٣) بني الشرط في العدالة على المطلق والمقيد، ولم يبن المطلق على المقيد في العدد؛ لأنه زيادة حكم مستأنف ولا في نقصانه، وإنما ينبغي أن يكون الشاهد عدلا، ولا يزاد على العدد، فعروض العدد


(١) انظر ما تقدم (٣/ ٢٥٠).
(٢) في عيون المجالس (٣/ ١٢٧٦): "ولا يجزئ في كفارة الظهار إلا رقبة مؤمنة، وكذلك في كل رقبة واجبة. وبه قال الشافعي، والأوزاعي، وأحمد وإسحاق، والحسن. وقال قوم: يجوز في الظهار المؤمنة والكافرة، منهم عطاء، والثوري، والنخعي، وأبو حنيفة".
قلت: وكلام المصنف الآن مع الشافعي، فالاعتراض وارد عليه.
(٣) كما في الرجعة، والديون.

<<  <  ج: ص:  >  >>