وفيه أيضًا دليل على أن الغسل والتيمم لا يجتمعان في وجوبهما عليه في حالة واحدة.
ونقول أيضًا: إنه يستضر باستعمال الماء، فيجب له جواز التيمم، أصله إذا خاف التلف.
وأيضا فإنه إذا خاف التلف جاز له التيمم، فكذلك إذا خاف زيادة المرض؛ لأن خوف التلف موجود فيه إذ لا تلف إلا من زيادة المرض.
وأيضا فإن الرخص كلها تستباح بلحوق المشقة، ولا تقف على خوف التلف، كالفطر وترك القيام في الصلاة، وما أشبه ذلك، فإن المريض يفطر إذا شق عليه الصوم، ولا يجوز أن يقال له: لا تفطر حتى تخاف التلف، وكذلك إذا شق عليه القيام في الصلاة جاز له القعود، وإن لم يخف من القيام التلف، كذلك المريض يتيمم للمشقة، وخوف المرض، أو الزيادة فيه إن استعمل الماء، وكذلك المضطر يأكل الميتة إذا لحقه الجوع الشديد وإن لم يخف التلف، وكذلك خائف اللصوص، وقطاع الطريق، والخوف من الجراح، وأخذ الماء، قد رخص له في ترك الحج، وحرمة النفس أعظم من حرمة المال، فإذا كانت الرخص على ما قلنا والأصول تشهد له صح ما قلناه.
فإن قيل: آية التيمم لا حجة لكم فيها من وجهين:
أحدهما: أنه تضمنت حكم المريض العادم للماء، ونحن نجوز له التيمم، ومسألتنا غير هذه، وهي في المريض الواجد للماء، وليس في الآية حكمه.
والوجه الآخر: هو أن ابن عباس - رحمة الله عليه - فسر الآية فقال: