للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"المراد بالمريض القريح المجروح الذي يتلف من مس الماء" (١).

قيل: أما الوجه الأول فساقط باتفاق، وبالظاهر أيضًا؛ لأن من لم يجد الماء فالتيمم له جائز لعدمه الماء، لا لأجل المرض، وإنما خص المريض بالذكر ليخص بالحكم، فيكون بمرضه في جواز التيمم مخالفا للصحيح، سواء وجد الماء أو عدمه، وإلا فهو داخل في جملة المحدثين إذا عدموا الماء، مسافرين وغيرهم.

وأما تفسير ابن عباس فلا يلزم؛ لأنه لم يذكره عن الله تعالى، ولا عن رسوله (٢)، والظاهر أولى من التفسير؛ لأنه ليس بمجمل فيحتاج إلى تفسير.

على أن قوله: "الذي يتلف من مس الماء" لا يعلمه إلا الله، وهذا قطع على أنه يتلف من مسه، وإنما يغلب على ظنه أنه يتلف، وقد يغلب على ظنه زيادة في المرض تجر إلى التلف، فأسباب التلف أيضًا ممنوع من فعلها كما يمنع من التلف، وما ذكرناه من الرخص وشهادة [الأصول] (٣) أولى.

فإن قيل: قياسكم على الخائف من التلف لا معنى له؛ لأنه يخاف التلف، ومن خاف الزيادة في المرض لم يخف التلف، وقد يباح عند خوف التلف ما لا يباح عند عدمه.


(١) أخرجه الدارقطني (١/ ١٧٧) والبيهقي (١/ ٣٤٣) موقوفا.
وأخرجه البيهقي (١/ ٣٤٣) وابن خزيمة (٢٧٢) مرفوعًا، وقال الدارقطني: "رواه علي بن عاصم، عن عطاء ورفعه، ووقفه ورقاء وأبو عوانة وغيرهما، وهو الصواب".
قلت: وصحح الوقف أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة. انظر البدر المنير (٢/ ٦٧٠ - ٦٧٣).
(٢) بل ذكره عن الرسول ، ولكنه لا يصح.
(٣) في الأصل: الرخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>