للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولكم: "إن الخوف من الزيادة في المرض كالخوف من التلف؛ لأن سبب التلف هو الزيادة في المرض" فليس من مسألتنا؛ لأن الذي يخاف زيادة في المرض وهي مؤدية إلى التلف يجوز له التيمم عندنا، وإنما كلامنا فيمن يخاف زيادة في المرض فقط، مثل أن يكون في رجله قرح إن أصابه الماء زاد في وجعه ومرضه، ولا يخاف التلف من زيادته.

قيل: قولكم: "إن من خاف الزيادة في المرض لم يخف التلف" فإنه ليس كذلك؛ لأن كل عليل خائف من التلف يخوفه تزايد علته، وهذا كله اجتهاد، وقد يعلم أن من بدأ به المرض يخاف الموت ما لا يخافه وهو صحيح، فكلما تزايد مرضه تزايد خوفه، وكله مخافة الموت.

وقولكم: "إن كلامنا فيمن يخاف زيادة المرض فقط" فإن هذا أمر لا يعلمه إلا الله تعالى، وكل من خاف زيادة المرض لا يتحقق زيادة تقف دون زيادة تزيد وتقوى، فتؤدي إلى التلف، بل الطباع مجبولة على أن أول العلة يخاف معها التزايد الذي يؤدي إلى التلف، والحذر كله من الموت، ومن برجله قرح يخاف تزايده بمس الماء فليس يخاف تزايده إلا حنيفة أن تؤدي إلى التلف.

فإن قيل: هذا يلزم في المحموم والمصدع (١).

قيل: الغالب من أمر المحموم والمصدع أن ينفعه الماء، ألا ترى أن النبي قال: "اكسروها بالماء" (٢)، وليس كلامنا فيمن لا يخاف استعمال


(١) المحموم من به حمى، والمصدع من به صداع الرأس.
(٢) رواه البخاري (٣٢٦١) ومسلم (٢٢٠٩/ ٧٨) بلفظ: "فأبردوها بالماء". وأخرجه مسلم (٢٢٠٩/ ٨٠) بلفظ: "فأطفئوها بالماء". =

<<  <  ج: ص:  >  >>