الماء، ولا فيمن يستشفي بالماء، وإنما كلامنا فيمن يخاف أن يحدث به مرض، أو يخاف زيادة مرضه، فقد أرخص الله له تعالى أن يعدل إلى الرخص، كما ذكرناه في فطر العليل، وتركه القيام في الصلاة المفروضة.
فإن قيل: الفرق بين فطر المريض وتركه القيام في الصلاة وبين تيممه حيث قلنا له: لا تتيمم وأنت واجد للماء، إلا أن تخاف التلف من استعماله من وجهين:
أحدهما: أنه إنما جاز له أن يفطر وإن لم يخف التلف على نفسه إذا لحقته المشقة في الصوم؛ لأن للمسافر أن يفطر إذا لحقته مشقة وإن لم يخف التلف، ولما لم يجز للمسافر الواجد للماء أن يتيمم إلا إذا خاف التلف من استعمال الماء كذلك المريض مثله، فيجعل حكم المريض كحكم المسافر في الفطر والتيمم جميعًا؛ لأن الفطر مباح للمريض والمسافر، كما يباح التيمم للمريض والمسافر.
الفرق الثاني: وهو الفقهي: أن المريض إنما جاز له أن يفطر ويقعد في الصلاة وإن لم يخف التلف منه على النفس؛ لأن عذره موجود في الحال متحقق؛ لأن وجود المشقة في الصيام والقيام حاصلة، فكان له أن ينتقل عنه، وليس كذلك في مسألتنا إذا خاف زيادة المرض؛ لأنه لم يتحقق العذر الذي هو زيادة المرض، وإنما يخاف وجوده فيما يأتي، وقد يوجد وقد لا يوجد، فلما لم يتحقق العذر لم يجز له أن يتيمم إلا في الموضع الذي هو
= وقال النووي: "فندب إلى الماء للحمى فلا تكون سببا لتركه والانتقال إلى التيمم". المجموع (٣/ ٣٠٨).