للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تغرير بالنفس، وهو أن يخاف التلف؛ لأن التغرير بالنفس ممنوع منه.

قيل: أما الفرق الأول فغلط ولا فرق بين المسافر والمريض لأن المسافر إن خاف من استعمال الماء حدوث مرض جاز له أن يتيمم وإن لم يخف التلف، كما يجوز له إن خاف التلف، كالمريض سواء، فسقط هذا الفرق.

وأما الفرق الثاني وقولكم: "إن المريض عذره موجود متحقق؛ لأن وجود المشقة في الصيام والقيام في الصلاة حاصلة، وأن الزيادة في المرض لا تتحقق" فإن هذا ليس بشيء، وليس فطر المريض إلا لرجاء برئه أو خوف زيادة مرضه (١)، ألا ترى أن المشقة في الصيام تلحق الصحيح، ولا يجوز له الفطر حتى يخاف مرضا يحدث عندنا، أو يخاف التلف من الصوم، وإنما الاعتبار مشقة تؤدي إلى المرض أو التلف.

وعلى أن المريض الخائف من استعمال الماء عذره في المرض موجود متحقق، وما يخافه من الزيادة هو المراعي، كما أن مرضه موجود وخوفه من الصوم مراعي، فلا فرق بينهما.

فإن قيل: فقد روي في حديث أبي ذر أن النبي قال: "الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسسه بشرته" (٢).


(١) قال ابن رشد: "وأما المرض الذي يجوز فيه الفطر فإنهم اختلفوا فيه فذهب قوم إلى أنه المرض الذي يلحق من الصوم فيه مشقة وضرورة، وبه قال مالك. وذهب قوم إلى أنه المرض الغالب، وبه قال أحمد. وقال قوم: إذا انطلق عليه اسم المريض أفطر". بداية المجتهد (٣/ ١٨٥ - ١٨٦) ومذهب مالك هنا هو مذهب الشافعي. انظر المجموع (٧/ ٤٢٣).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>