للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرُدِّد (١) منكرا، ونبهنا تعالى بذكره أنه أراد غسل الأعضاء بماء دون غيره من المائعات، ولكنه ما يكفي الأعضاء التي تقدمت، ألا ترى أنه لو صرح فقال: "فلم تجدوا ماء يكفيكم لتلك الأعضاء فتيمموا" لصح.

وعلى أنه لو ذكر تعالى في أول الآية ماء منكرا، ثم قال: فلم تجدوا ماء لم يجب أن يعرف بالألف واللام؛ لأنه لو عرفه لصار الأمر مقصورا على ماء بعينه من بين سائر المياه، فأعاده بلفظ منكر ليعلمنا أننا إذا عدمنا ماء من المياه يكفينا لجميع الأعضاء وجب التيمم (٢).

ومثل هذا قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (٣).

فأراد باليسر الثاني غير ما أراد باليسر الأول، ولهذا قال ابن عباس : "لن يغلب عسر يسرين" (٤).


(١) أي فأعيد، وخفي المعنى هنا على المحقق فقال: هكذا رسمت في المخطوطة "فردد"، ولعل صوابها: فورد.
(٢) يشير المصنف تبعا للنحاة أن النكرة إذا أعيدت معرفة كانت هي الأولى، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ فالرسول المعرفة هو الرسول النكرة الذي قبله، وهو موسى . وأما إذا أعيدت النكرة نكرة كانت الثانية غير الأولى، وهذا ما مثل له المصنف بقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، فكان اليسر الثاني غير الأول، وعليه خرج: "لن يغلب عسر يسرين".
(٣) سورة الشرح، الآيتان (٥ - ٦).
(٤) قال ابن حجر: "روي هذا مرفوعًا موصولا ومرسلا، وروي أيضًا موقوفا، أما المرفوع فأخرجه ابن مردويه من حديث جابر بإسناد ضعيف، ولفظه: "أوحى إلي أن مع العسر يسرا أن مع العسر يسرا، ولن يغلب عسر يسرين". وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله : "لو كان العسر في جحر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه، ولن يغلب عسر يسرين، ثم قال: إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا"، وإسناده ضعيف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>