للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأباح تعالى هو ورسوله التيمم إذا لم يجد الماء، ومنع منه إذا وجده، وإنما يقال: "لم يجد" إذا طلب فلم يجد، وأما إذا لم يجده من غير طلب فإنه لا يقال له: لم يجده، وإنما يقال: لم يصبه أو ليس عنده (١).

فإذا ثبت ذلك فالذي نسي الماء في رحله لا يقال له: لم يجد الماء؛ لأنه لم يطلبه، وأول الطلب يكون من رحله، ثم ما حوله، فلم يعتد بتيممه وصلاته.

قيل: هذا قد طلب طلب مثله، وبدأ برحله، والإنسان قد يعتقد الشيء في رحله فيطلبه وينسى موضعه، فهو طالب له فلم يجده، فصار عادما له بعد أن طلبه، فهو غير واحد.

على أن الإنسان قد ينسى أن في رحله ماء، فيطلب من حوله فلا يجد، وهذا قد طلب من غير رحله فلم يجد، وأنتم تقولون: إذا نسي الماء في رحله، واجتهد في الطلب من غير رحله فلم يجد، وتيمم وصلى فإنه يعيد الصلاة، مع أنه قد اجتهد في الطلب من غير رحله فلم يجد، فصار ظاهر الآية حجة لنا، وحجة عليكم.

فإن قيل: فإن التيمم بدل عن مبدل، لو كان عالما قادرا على مبدله لم يعتد به، فوجب إذا كان ناسيا له أن لا يعتد به، أصله إذا نسي أنه قادر على الرقبة فصام لم يعتد بصومه.

قيل: الفرق بين الموضعين: هو أنه قد يجوز أن يعدل عن الماء إلى


(١) الوجود في الشرع هو القدرة على الاستعمال من غير مشقة، وهو غير موجود في المريض. التجريد (١/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>