للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قال تعالى: ﴿وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ﴾ (١)، وهذا كثير، فيطابق معنى ما قطع عليه في الخبر ولا يتنافى.

وأما الفصل الثاني فإن الصحابي إذا تحقق من النبي أنه كان يزيد السائل لو سأله عنه فقد تحقق جوازه، ولا يحتاج إلى إيجاد الفعل؛ لأننا قد نعلم جواز أشياء وأنها مباحة في شرعنا وإن لم يفعلها، وقد نعلم إباحة الشيء من جهة النبي بعلم متقدم، وأن المسح أكثر من ثلاث يجوز، فلا يحتاج إلى أن يأمر به في كل وقت، ولو سئل عنه لأجاب بإباحته، فلم يلزم ما ذكروه.

فإن قيل: ما ذكرتموه عن أبيّ بن عمارة فإننا نقول: إن الرجل إنما سأله عن جواز المسح لا عن كيفيته ومقداره (٢)، ألا ترى أنه قال: يا رسول الله! أمسح؟ " (٣)، ولم يقل: كم أستديم المسح؟ فالنبي بين له جواز المسح، ونحن نقول: إن المسافر يمسح أبدا يومين وثلاثة وسبعة، ولكن على الصفة التي نقولها وخبرنا قصد به بيان المدة والوقت.

قيل: أُبيّ بن عمارة سأل عن جواز المسح وعن صفته، هل هو مؤقت أم لا؟ فقال له حين سأله عن اليومين والثلاثة: نعم وسبعا وما بدا لك" (٤)، ففهم عنه أنه يجوز غير مؤقت، هذا ظاهر الخبر، فحمله عليه وحمل


(١) سورة التوبة، الآية (١١٨).
(٢) فيكون كقوله : "الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين"، فإن معناه: أن له التيمم مرة بعد أخرى وإن بلغت مدة عدم الماء عشر سنين، وليس معناه أن مسحة واحدة تكفيه عشر سنين، فكذا هنا. المجموع (٢/ ٥٣٣).
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ٣٩٠).
(٤) تقدم تخريجه (٣/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>