ولكن قامت دلالة منعت من المسح إذا تفاحش الخرق، ولم تقم دلالة في المنع من الخرق اليسير، فبقي على حكم الظاهر في جواز المسح؛ لأن اسم الخف موجود.
وأيضا فإن خفاف الناس تختلف على حسب أحوالهم وحاجاتهم، وفي الجدة والخلوقة (١)، فرخص لهم في المسح ترفيها لحاجتهم إلى الخفاف، وأنهم يحتاجون إلى لبسها في أسفارهم ومواضع البرد والثلوج، والمشي في طول الطرق، وحيث لا يجدون من يخرزها لهم، فعفي لهم عن الخرق اليسير، كما عفي عن العمل القليل في الصلاة؛ لأنه يشق التحرز منه، فكذلك يشق التحرز من الخرق اليسير في الخف في مثل ما ذكرنا، وليس كل أحوال الناس تتفق؛ لأن منهم من لا يستحسن لبس الخف المخرق، ومنهم من لا يمكنه غير ذلك، ويشق تتبع كل خرق يسير في خف، خاصة للمشاة في طرقهم كلها، وقد عفي عن الدم اليسير الذي يشق التحفظ منه في الصلاة كدم البراغيث، وكذلك عفي عن الغرر اليسير في البياعات، وعن أشياء أخرجت عن أصولها، للرفق والحاجة إليها.
وأيضا فإن المعنى الذي لأجله جوز المسح على الخف الصحيح السليم هو أن الحاجة تدعو إلى لبسه، وتلحق المشقة في نفسه في نزعه، وهذا المعنى موجود لا محالة فيمن في خفه خرق يسير.
وأيضا فإن المسح على الخفين رخصة عامة لجميع من يحتاج إلى لبسه، فلو قلنا لا يمسح على خف مخرق صارت الرخصة خاصة لبعض أصحاب