للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإنما جوز المسح على الخفين لأن حاجة الناس عامة تدعو إلى لبسه وتلحق المشقة في نزعه، وبهم حاجة إلى تتابع المشي فيه في الطرق الطوال، والثلوج، والأسفار، وهذه المعاني لا توجد في الجوربين، ولا يقاس [غير] (١) الخف على الخف؛ لأن معنى غيره لا يوجد فيه، ولا يوجد معناه في غيره، ولا تقاس العمامة عليه؛ لأن حاجة الناس تدعو إلى لبسها، ولكن لا تلحق المشقة في نزعها، أو إدخال اليد تحتها بالمسح.

وأيضا فإن المخصوص بالذكر على ثلاثة أضرب فضرب مخصوص بالذكر لا يعقل معناه، فلا يقاس عليه، مثل الصلوات والطهارات؛ لأنه إذا لم يعلم معناه لم يمكن القياس عليه.


= أن معني الخف أعم من أن يكون من الجلد وحده، وأنه يشمل كل ما يستر القدم ويمنع وصول الماء إليها، إذا الخفاف كانت في الأغلب من الجلد، فأبان أنس أن هذا الغالب ليس حصرا للخف في أن يكون من الجلد، وأزال الوهم الذي قد يدخل على الناس من واقع الأمر في الخفاف إذ ذاك، ولم يأت دليل من الشارع يدل على حصر الخفاف في التي تكون من الجلد فقط، وقول أنس في هذا أقوى حجة ألف مرة من أن يقول مثله مؤلف من مؤلفي اللغة، كالخليل والأزهري والجوهري وابن سيدة وأضرابهم، لأنهم ناقلون للغة، وأكثر نقلهم يكون من غير إسناد، ومع ذلك يحتج بهم العلماء، فأولى ثم أولى إذا جاء التفسير اللغوي من مصدر أصلي من مصادر اللغة، وهو الصحابي العربي من الصدر الأول بإسناد صحيح إليه". مقدمته لكتاب المسح على الجوربين ص (١٣ - ١٤).
وقوله في وصف الجورب: "يمنع وصول الماء إليها" تعقبه الشيخ الألباني بقوله: لعل هذا القول سبق قلم من العلامة أحمد شاكر ، فإنه ليس في أثر أنس المذكور هذا القيد أو الشرط، بل هو أعم من ذلك، بدليل أن الصوف لا يمنع وصول الماء إلى القدم كما هو معلوم بالتجربة، فأرى أن الصواب حذف هذا القول من سياق كلام العلامة ، لأنه لا دليل عليه كما سبق، ولأنه أليق بموضوع رسالة العلامة القاسمي الذي اختار جواز المسح على الجورب الرقيق، وهو الحق، وهذا القول ينافيه كما لا يخفى.
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>