عند كل صلاة قادر على غسل رجليه، وإنما يترك ذلك ترخصا واختيارا للترفه.
أو نقول: العلة فيه أنه يجب عليه نزع الخف وغسل رجليه عند الجنابة، وليس كذلك صاحب الجبائر.
ثم نعارض بأصل آخر فنقول: اتفقنا على أنه لو تكلف المشقة العظمى في نزع العصائب، فغسل أو مسح بعد تكلفه ونزعها، ثم صلى لم تكن عليه الإعادة، والعلة فيه أنه قد صلى على قدر طاقته، وعلى ما كلف وأمر، فكذلك إذا مسح ولم ينزعها، وقد كان وضعها على غير طهر، فيكون هذا القياس أولى لشهادة الأصول له.
وقد روي عن الصحابة ﵃ أنهم كانوا في غزاة فاشتد عليهم البرد، فأمرهم النبي ﵇ أن يمسحوا على العصائب والتساخين" (١).
ولم يقل لهم: إن كنتم لبستموها على طهارة، وذلك للضرورة، والعصائب: العمائم، وقد اتفقنا على أنه لا يجوز المسح على العمائم مع القدرة على مسح الرأس.
فإن قيل: ففي الخبر أنه أمرهم بالمسح على التساخين، وهي الخفاف، وقد اتفقنا على أنه لا يجوز المسح عليها إذا لبست على غير طهارة، ولم يسألهم ﵇ هل لبسوها على طهارة؟ كما لم يسألهم عن العمائم.
قيل: لو خُلّينا والظاهر لم يكن بين الأمرين فرق، ولكن قامت دلالة في الخف صرنا إليها، وبقي مسح العصائب.