للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقل الحيض عندهم على اختلاف بينهم فيه، وإن انقطع دون يوم وليلة عند الشافعي أو ثلاثة أيام عند أبي حنيفة فهو غير حيض.

ولنا أن نستدل في ابتداء المسألة بقول النبي : "دم الحيض أسود ثخين له رائحة" (١).

وهذا إنما ذكره ليعلمنا أن الحكم يتعلق بوجود الدم الذي هذه صفته، ولم يفرق بين قليله وكثيره إذ لو كانت المدة صفة فيه لم يحذفها منه، كما لم يحذف علامات الدم، فهو عام إلا أن يقوم دليل.

وأيضا فما رواه عروة عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله! إني أستحاض فلا أطهر، فقال: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت أو ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي" (٢).

وإقبالها إنما تعرفه بأمارته ولونه، فلولا أن الجزء الأول الذي تعرفه من الحيض، ومحكوم له بحكمه لم يأمرها بترك الصلاة في إقبالها، ولكان يقول لها: "إذا عرفت الدم وأقبل فلا تتركي الصلاة حتى يمضي يوم وليلة، أو ثلاثة أيام".

وأيضا فإنه لما كان دم النفاس تتعلق الأحكام بوجوده من ترك الصلاة، والصوم، والامتناع من الوطء، ولم يكن لأقله حد غير وجوده وجب أن يكون دم الحيض مثله، لمشاركته إياه في علته.


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٤٩١).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٨) ومسلم (٣٣٣/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>