للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد روي في حديث فاطمة بنت أبي حبيش أنه قال لها: "اتركي الصلاة يوم حيضتك ويوم محيضك" (١).

فوجب أن يكون اليوم مقدرا فيه.

قيل: هذا دليل لنا وذلك أنه أراد وقت حيضتك، أي في اليوم الذي تحيضين فيه، كما تقول: كلم زيدا يوم يقدم فلان، فإنما معناه في اليوم، أي: وقت قدومه منه، ولم يقل: دعي الصلاة بعد يوم حيضتك وبعد ليلته، فصار هذا حجة لنا.

وأيضا فإن أصل دم الحيض والنفاس المرجوع فيه إلى الوجود في النساء؛ لأنه يختلف فيهن بحسب طباعهن، وبحسب أسنانهن، وبحسب اختلاف الأزمنة عليهن، وباختلاف الحرارة فيهن؛ لأنه يقل ويكثر وينتقل، فجعل ذلك معتبرا بوجوده منهن وفيهن، وقد يوجد من تحيض دفعة كما يوجد من تحيض أكثر من ذلك، ووجد من تحيض أكثر من صاحبتها، فينبغي أن يحكم في ذلك بقدر ما قد وجد ويوجد.

وأيضا فإن النبي سمى دم الاستحاضة لما خرج عن عادة النساء دم عرق وفساد (٢)، وهو الزائد على خمسة عشر يوما، أو عشرة أيام، فوجب أن يكون ما دونه دم حيض قليلا كان أو كثيرا.

والدليل على صحة قولنا أيضا: أننا لا نعلم خلافا أن المرأة المبتدأة بالدم


(١) أخرجه ابن ماجه (٦٢٤) وأحمد (٦/ ٢٠٤) بلفظ: "أيام محيضك". وهو صحيح.
(٢) لم أجد تسمية دم الاستحاضة بدم الفساد، وأما تسمية دم عرق فقد تقدم في حديث فاطمة بنت أبي حبيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>