للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تترك الصلاة لرؤيته (١)، فلولا أن ذلك دم حيض لم يجز لها ترك الصلاة التي عليها بيقين بدم مشكوك فيه، فثبت بهذا أن رؤية الدم بالمبتدأة دم حيض، إلا أن يتبين أنه ليس بحيض بدليل يقارنه، وهو أن يزيد على خمسة عشر يوما.

فإن قيل: فقد روي أن النبي قال لفاطمة بنت أبي حبيش: "دعي الصلاة أيام أقرائك" (٢).

وأقل ما يقع عليه اسم أيام ثلاثة (٣).

قيل: هذا إنما هو خطاب لامرأة بعينها (٤)، وفتوى لها، ولا يجب إذا


(١) وخالف ابن سريج من الشافعية فقال: لا يجوز للمبتدأة أن تمسك، بل يجب عليها أن تصلي مع رؤية الدم، فإن انقطع لدون يوم وليلة كانت الصلاة واجبة عليها، وأجزأها ما صلت، وإن استدامت يوما وليلة تركت الصلاة حينئذ لأن الدم الذي رأته يجوز أن يكون حيضا، ويجوز أن يكون دم فساد، فلا يجوز ترك الصلاة بالشك. وهذا القول شاذ كما قال النووي في المجموع (٣/ ٤١٥) وحكي عن محمد بن الحسن.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ الدارقطني (١/ ٢٠٨)، وأخرجه أبو داود (٢٨١) بهذا اللفظ لكن في قصة أم حبيبة، وأخرجه الترمذي (١٢٦) وابن ماجه (٦٢٥) عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده بلفظ: "المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي". وانظر البدر المنير (٣/ ١٢٥ - ١٣١) وهو عند البخاري (٣٢٥) في قصة فاطمة بلفظ: "دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي". وفات المحقق تخريجه بلفظ المصنف.
(٣) ليس المراد بالأيام هنا الجمع بل الوقت، وأيضا فإنها مستحاضة معتادة ردها إلى الأيام التي اعتادتها، ولا يلزم من هذا أن كل حيض لا ينقص عن ثلاثة أيام. انظر المجموع (٣/ ٤٠٨).
(٤) رده القدوري بأن النبي لم يعرف المرأة التي سألته أم سلمة لها، وكيف يعرف عادتها، ولأنه قال في الخبر الآخر: "المستحاضة تدع الصلاة"، وهذا عام".
قلت: أما الجواب الثاني فصحيح، وقد تقدم تخريج الحديث بهذا اللفظ قبل قليل. وأما الجواب الأول ففيه نظر لأنه جاء في بعض رواياته أن السائل هو فاطمة نفسها كما عند الدارقطني (١/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>