للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) (١)، فاحتمل أن يكون أراد كل دم موجود خارج عن العرف العام والخاص، واحتمل أن يكون أراد دما موجودا متعلقا بالعرف الخاص أو العام، فلما [اتفقوا على] (٢) أن ما زاد على خمسة عشر يوما أو سبعة عشر لا يكون حيضا، وإن كان الدم موجودا علم أنه أراد بذلك الوجود المعتاد، لا الوجود النادر الشاذ.

قيل: هذا يلزمك في اليوم والليلة، ويلزم من يقول بالثلاث؛ لأنه ليس هذا هو المعتاد، بل هو نادر، والمعتاد في غالب أحوال النساء السبع والثماني إلى العشر، وما نقص عنه أو زاد إلى الخمسة عشر فهو نادر، فثبت أنه تعالى أراد الموجود المعتاد على حسب اختلافه فيهن.

فإن قيل: فإن قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ (٣) فإنما جعل الحيض أذى، ولم يجعل الأذى حيضا (٤)، فبينوا أولا أن هذا حيض حتى نسلم لكم ما تقولون.

قيل: قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾ أي ما تتأذون به (٥) كناية عرفنا صفته،


(١) سورة البقرة، الآية (٢٢٨).
(٢) في الأصل،: فلما اتفقوا على ذلك دل على أن ما …
(٣) سورة البقرة، الآية (٢٢٢).
(٤) وقد علمنا أنه ليس كل أذى حيضا، وإن كان كل حيض أذى، كما أنه ليس كل نجاسة حيضا وإن كان كل حيض نجاسة، فوجب أن يثبت الحيض حتى يكون أذى. أحكام القرآن للجصاص (١/ ٤١٦).
(٥) قال ابن العربي: قوله: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾ فيه أربعة أقوال: الأول: قذر، قاله قتادة والسدي.=

<<  <  ج: ص:  >  >>